التقرير الخاص بندوة .. رؤية لتوحيد التيار الليبرالي

سلسلة ندوات / الليبرالية و تحديات المستقبل

عنوان الندوة / رؤية لتوحيد التيار الليبرالي

رقم الندوة / 1

المكان / فندق فلامنكو الزمالك

التاريخ / 11 فبراير 2010

الجهة المنظمة / منظمة إتحاد المحامين للدراسات القانونية و الديمقرطية – مؤسسة فريدريش ناومان

المتحدثين / أ. سعيد عبد الحافظ – د. رفعت لقوشه

إدارة الجلسات / شادي طلعت

بدأت الندوة بكلمة ألقاها شادي طلعت .. المدير العام لمنظمة إتحاد المحامين للدراسات القانونية و الديمقراطية و رئيس وحدة عمل / المحامين الليبراليين و التابعة للمنظمة ، حيث بدأ مرحباً بالسادة ضيوف الندوة و مرحباً بكلا المتحدثين الليبراليين ، ثم نوه إلى أن ندوة 11 فبراير تعد هي الأولى ضمن سلسلة ندوات "الليبرالية و تحديات المستقبل" و أن هذه السلسلة لن تكون عبارة عن ندوات عابرة حيث أن الهدف العام منها هو الوصول بالليبرالية إلى رجل الشارع البسيط ، قائلاً أن هذا من حقنا كتيار ليبرالي يسعى لنشر فكره كما تسعى التيارات الأخرى ، و بناء على ذلك فإننا سنتناول على مدار 24 ندوة كافة الأزمات المتعلقة بالليبرالية ، حيث سيكون لدينا في كل ندوة عدد 2 متحدثين سيطرح علينا أحدهم أسباب الأزمة بينما سيتناول الآخر رؤية لحل الأزمة ، كما أننا نريد إدراج تعليقات و مداخلات الحاضرين ضمن التقرير النهائي لكل ندوة حيث انه من الوارد أن يكون للحاضرين نظريات وجيهة يجب الأخذ بها ، و نحن نسعى إلى أن يكون لدينا في نهاية سلسلة ندوات "الليبرالية و تحديات المستقبل" مرجع كامل حول الليبرالية نستطيع أن نخرج من خلاله إلى آليات منظمة تعيننا على نشر رسالتنا بإسلوب علمي ، كما أننا نود أن تكون مداخلات الحاضرين في صلب الموضوع الرئيسي للندوة حيث أننا نتحدث عن تيار فكري أسما و أعم من أي أسماء ليبرالية قد نختلف عليها أو نتفق ، فالرسالة في النهاية هي رسالة فكر نسعى لترويجه ، و هو ما يتطلب منا نزع كافة العباءات الحزبية للأحزاب الليبرالية المختلفة في حال وجود خلافات بينها ، و نحن إذ نبدأ أول ندوة في سلسلة ندوات "الليبرالية و تحديات المستقبل" فإننا قد آثرنا أن تكون الندوة الأولى حول رؤية لتوحيد التيار الليبرالي .

ثم قدم شادي طلعت المتحدثين و بدأت فعاليات الندوة :

الجلسة الأولى / أزمة العلاقات الليبرالية - الليبرالية في مصر

الأستاذ / سعيد عبد الحافظ .. رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان

مما لا شك فيه أن لليبرالية المصرية تاريخ طويل بدأ مع عصر النهضة إبان حكم محمد على الذي فتح الباب أمام النخب والمفكرين المصريين للانفتاح والتواصل مع الغرب أوائل القرن التاسع عشر؛وتوجت حركة الإصلاح بصدور أول دستور ليبرالي في مصر وهو دستور 1923 الذي يعتبره الباحثين بداية للعهد الليبرالي حيث أكد الدستور ولأول مرة مفهوم أن الأمة مصدر السلطات وأنتجت تلك المرحلة ظهور أول حزب ليبرالي فى مصر وهو حزب الوفد وعرفت مصر طريقها مبكرا لانطلاق الاحزاب الليبرالية التي تعتمد أفكارها الرئيسية على حرية المرأة وحرية الرأي والتعبير واستقلال القضاء فضلا عن حرية الفرد باعتبارها اللبنة الأولى فى بناء المجتمع وقام حزب الوفد الليبرالي منذ تأسيسه التأكيد على المفاهيم الليبرالية في تناول قضايا المجتمع ؛وعلى الرغم من أن حزب الوفد كان يغرد وحيدا بلا منازع وظل حزب الاغلبيه طوال الفترة من 1919-1952 الا أن بعض الخلل داخل بنيته التنظيمية والمتمثل في هيمنة رئيس الحزب وانفراده باتخاذ القرار وشيوع مبدأ التعيين داخل المواقع القيادية على حساب التعيين وغيرها من الأسباب التي لا محل لها في تلك الورقة أصابت الحزب العريق لعنة الانشقاقات وخرج من باطن الوفد أحزاب ليبراليه أخرى كالأحرار الدستوريين والكتلة الوفدية والحزب السعدي وبقيام ثورة يوليو ألغيت الأحزاب المصرية وعرفت مصر النظام السياسي الواحد ؛ومنذ عام 1953 وهو تاريخ إلغاء الأحزاب وحتى منتصف السبعينات لا يمكن الحديث عن وجود أحزاب ليبرالية إلا أن الشخصيات الليبرالية بقيت محافظه على انتمائها الفكري ولم تسعى للاندماج فى كيان التنظيم السياسي الواحد الذي أنشأته ثورة يوليو وكانت أهم ملامح هذه الفترة هو إصابة الشخصيات الليبرالية بالتكلس والجمود نتيجة الانتظار الطويل على نقطة بداية الانطلاق ؛ وفى عصر السادات بعد انتهاء حرب عام 1973 ، سعى الرئيس الرحل أنور السادات إلى إتباع بعض السياسات الليبرالية على الصعيدين السياسي والاقتصادي ، فكان قراره بالانفتاح الاقتصادي عام ، والإعداد للتعددية التي بدأت عام 1974 بتطوير الاتحاد الاشتراكي منذ إعلان السادات ورقة أكتوبر في نفس العام . وقد انتهى هذا الأمر في عام 1975 بتأسيس ثلاثة منابر داخل الاتحاد الاشتراكي ، وهذه المنابر هي منبر الوسط (مصر العربي) بزعامة ممدوح سالم ، ومنبر اليمين (الأحرار الاشتراكيين) بزعامة مصطفى كامل مراد ، ومنبر اليسار (التجمع الوطني التقدمي الوحدوي) بزعامة خالد محي الدين . وفي 11 نوفمبر 1976 ، وعند افتتاح الدور الأول من الفصل التشريعي الثاني لمجلس الشعب ، أعلن الرئيس السادات تحويل تلك المنابر الثلاثة إلى أحزاب سياسية . وبعد ذلك ببضعة أشهر ، وفي يونيو 1977 تحديداً صدر قانون الأحزاب السياسية ، وفي صيف عام 1978 ، تأسس الحزب الوطني الديمقراطي على أنقاض حزب مصر ، الذي أعلن اندماجه في الحزب الجديد . وقد ترأس هذا الحزب الرئيس السادات نفسه ، بعدئذ تحول كل أعضاء حزب مصر لهذا الحزب . وفي ذات العام نشأ حزبي العمل بزعامة ابراهيم شكرى والوفد بزعامة فؤاد سراج الدين ، وقد جمد حزب الوفد نشاطه بعد تأسيسه ببضعة أشهر وتحديداً في 7 يونيو 1978 ، احتجاجاً على القوانين الاستثنائية التي صدرت تقويضاً لحركته . وما لبث ان عاد عام 1984 لممارسة نشاطه .

ولا يمكن إنكار ان مطالب حزب الوفد وبرنامجه كان يعبر تعبيرا حقيقيا عن الفكر الليبرالي بوجهيه السياسي والاقتصادي

إلا ان وضع إطار حزب الوفد داخل سياق تجربته الماضية قبل الثورة وطبيعة علاقة رئيس الحزب بأعضائه ستساعدنا فى فهم بوادر أزمة التيار الليبرالي فى مصر

اذ مما لا شك فيه أن شخصية رئيس الحزب فؤاد باشا سراج الدين بما كان يمتلكه من كاريزما خاصة وخبرات واسعة فى ممارسة العمل السياسي ساعدت كثيرا فى استمرار تراث الوفد الذى يعتمد على شخصية رئيسه فى اتخاذ القرارات داخل الحزب وتوجيه لجان وقواعد العمل داخل الحزب ؛هذا الحزب الذي اعتمد كثيرا بل ودائما على الشخصيات والعائلات الوفدية فى تشكيل قواعد ولجان الوفد إلا أن فؤاد سراج الدين بخبرته السياسية استطاع ضم بعض العناصر السياسية من خارج تلك التشكيلة من بعض أساتذة الجامعات والمحامين من متوسطي الأعمار لإضفاء مزيد من الديناميكية وفتح قنوات جديدة للاتصال مع المجتمع ولعل أبرز الوافدين الجدد كان الدكتور نعمان جمعة الذي صار بعد سنوات قليلة وتحديدا عام 1988 عميدا لكلية الحقوق جامعة القاهرة

ويمكن القول أن الدكتور نعمان جمعه كان يشعر بسطوة العائلات داخل الوفد من ناحية ومن ناحية اخرى ظل هاجس التميز التاريخى لوفديين ما قبل الثورة يدفع الدكتور نعمان جمعة ورفاقه الى تقديم مزيدا من الجهد لاحداث التوازن بين ما يقدمونه الان وما قدمه وفديين ما قبل الثورة ؛ومن البديهى التنويه أن الشخصية الطاغية لفؤاد سراج الدين منعت تماما ايه محاولات للانشقاق او المعارك الجانبية وانحصرت الخلافات الوفدية بين تياريين رئيسيين الأول يتزعمه ياسين سراج الدين شقيق فؤاد سراج الدين ورئيس الهيئه البرلمانية ونعمان جمعه ورفاقه ولعل أبرزهم محمود اباظه ريس لجنة الشباب النوعية الرئيس الحالى لحزب الوفد وهو شخصيه تتمتع بمقومات السياسي المحنك وهو الذى بدأ مبكرا فى البحث عن رهان جديد يضمن استمرار حيوية واستمرار حزب الوفد وفى ذات الوقت البحث عن تيار داخل الوفد يعادل سطوة وفديين ما قبل الثورة الذين ذكرت فى البدايه أنهم تكلسوا وأصيبت أفكارهم بالجمود نظير عدم ممارستهم العمل السياسي لاكثر من 25 عاما وكأنهم عادوا مع حزب الوفد الجديد ليبدا عملهم السياسي من حيث توقفوا فى الخمسينات وكان رهان محمود أباظه فى ذلك الوقت على عدد من الشباب وهم طلاب الجامعة وتحديدا طلبة كلية الحقوق جامعة القاهرة وهذا هو جيل الوسط الذى يشكل الان أحد أهم أركان حزب الوفد ومن هذا الجيل

محمود على عضو الهيئة العليا للوفد ورئيس الجمعية المصريه لدعم التطور الديمقراطي وسعيد عبد الحافظ؛ صلاح سليمان المستشار القانونى للجريدة ؛ ايهاب الخولى رئيس حزب الغد وعصام شيحة عضو الهيئة العليا وطارق تهامى رئيس تحرير جريدة الشارع ..

وتجدر الاشارة ان هذا الجيل كان ولا زال يشكل القوة الضاربه داخل الحزب ؛ وبوفاة فؤاد سراج الدين وتولى الدكتور نعمان جمعة رئاسة الوفد وبمساعدة مباشرة من محمود أباظة وجيل الشباب حسمت المعركة لصالح نعمان جمعه من ناحية ومن ناحية اخرى لصالح الجيل الجديد الذى راهن علية فؤاد سراج الدين وكذلك نجح رهان محمود أباظة الذى اعتمد على جيل الشباب واصبح نعمان جمعة رئيسا وخسرت عائلات الوفد بزعامة فؤاد بدراوى معركة الرئاسة ؛وفى عام 2001 وبعد أقل من عام فشلت محاولة أيمن نور اليائسة للقفز على رئاسة الوفد بعد ان قام فى غضون شهر ابريل 2001 بحشد انصاره من باب الشعرية وانصار عضو مجلس الشعب محمد فريد حسنيين من القليوبية للاعتصام بالمقر وتعدى انصارهم على رئيس الوفد نعمان جمعه وأحيلا للهيئه العلية للحزب والتى قررت فصلهما من الحزب وتشكيلاته بعد أن استمعت الهيئة العليا لشهادة شهود الواقعة ومن بينهما محرر الورقة وصلاح سليمان الذان تواجدا داخل المقر فى تلك الفترة وشاهدا الواقعة وفى عام 2003 وبعد عامين من تولى نعمان جمعة رئاسة الوفد بدأ يضيق صدرا بتنامى نفوذ جيل الوسط وسيطرته على لجان المحافظات وقرر نعمان جمعة توجيه ضربه استباقية لهذا الجيل ممثلا فى محمود على رئيس الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطى على زعم ان هذه الجمعية تتلقى تمويلا من السفارة الامريكية بالقاهرة وانها تحشد الشباب فى المحافظات

على أجندة أمريكية وكان مفهوما أن المقصود بتلك الهجمة هو محمود أباظه نفسه باعتباره الأب الروحي لهذا الجيل وأخذ نعمان جمعه يفرض مزيدا من الحصار على جيل الوسط وقام بفصل محمود على ومعه خمسة من قيادات جيل الوسطواحال عددا كبيرا من الشباب للتحقيق بتهمة تلقيهم تمويلا من السفارة الامريكية من خلال جمعياتهم الحقوقية ثم ما لبث الهجوم ان تحول الى شخص محمود أباظة مباشرة بعدما التقى بوزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس هو ومنير عبد النور واطلق نعمان جمعه هجوما صارخا على نائبه الاول محمود اباظه ومنير فخرى عبد النور؛وفشل محمود أباظة فى حماية الجيل الذى اعتمد عليه كثيرا ويؤمن انهم جيل المستقبل فى الوفد وانفرط عقد هذا الجيل الذى وجد فى الجمعيات الحقوقيه والمدنيه نافذة جديدة لممارسة العمل العام وظهرت على السطح ولاول مرة الجمعيات التى ينتمي مؤسسيها لحزب الوفد ؛وبفشل نعمان جمعه المخزي فى أدائه فى الانتخابات الرئيسية

وخروجه خاسرا تحول انتقاده الى قيادات الوفد وعلى رأسهم محمود اباظه ومنير عبد النوزر وهدد بفصلهم من الحزب وهو الأمر الذى حدا بأعضاء الهيئة العليا بعقد اجتماع طارىء وفصل نعمان جمعة ومنذ عام 2006 ولمدة ثلاث سنوات حاول رئيس حزب الوفد محمود اباظة وقيادات الوفد الحفاظ على الحزب من التحول لنفق التجميد الا ان الخاسر الوحيد كان المجتمع المصري الذى فقد اداء حزب ليبرالى من الاحزاب العريقه كان يمكن له أن يساهم فى تحديث المجتمع

مجمل القول أن حزب الوفد كان ومنذ نشأته تحكمه علاقات الثقة المتبادلة بين أعضائه وان ما يجمع أعضاء الحزب هو إيمانهم بالليبرالية وسعيهم لتطبيقها

لكن يبقى السؤال هل هناك اصابع خفيه ساهمت فى تزكية الخلافات وتسريب المعلومات وتقليب الأعضاء على بعضهم البعض داخل الوفد للوصول بالحزب لحالة الجمود والتقوقع داخل المقر المركزى واستنزاف طاقه وقدراته فى الرد على مئات الدعاوى القضائية التي رفعها الرئيس الأسبق نعمان جمعه وأنصاره على الحزب ؟؟

هل لعب الإعلام المصري دورا سلبيا في تغطية الشأن الحزبي بما سمح بترويج صورة سلبية عن حزب الوفد لدى رجل الشارع؟

الإجابه الوحيدة المتاحة أن حزب الوفد لم تكن خلافاته يوما من الايام على خلفية سياسية أو منهجيه ولكنها تناقضات حرص فؤاد سراج الدين ان يضعها جنبا الى جنب وكان هو الوحيد القادر على التعامل معها واحتوائها بل والاستفادة منها وكان هو الوحيد القادر على فك الخيوط وعقدها بسهولة ويسر

هذا عن الخلاف الوفدي الوفدي فماذا عن الخلاف الليبرالي الليبرالي

فى عام 2004 وافقت لجنة شئون الأحزاب على تأسيس حزب الغد برئاسة ايمن نور ومعه عدد كبير من قيادات حزب الوفد فى القاهرة والمحافظات فى محاولة لخروج حزب ليبرالى يواجه حزب الوفد وفى استمرار لسياسة صراع الديكة التى يجيدها النظام المصري وقد بدأ الترقب والتحفظ الشديد من قيادات الوفد تجاه الحزب الجديد ومنع التعامل مع حزب الغد على كافة المستويات ولم يكن حزب الغد فى حاجه لدخول صراع ليبرالى ليبرالى مع حزب الوفد لان الصراع كان ولا زال موجودا منذ فصل ايمن نور من الوفد وسعيه لضم قيادات الوفد لهيكل احزب الجديد وشهدت لجان المحافظات صراعا مستمرا بين الوفديين والغديين وان حافظت كلا القيادتين بالوفد والغد على ان يكون الصراع على مستوى القاعدة فى الوقت الذى كانت تصريح القيادات تتسم بالتحفظ الشديد تجاه الاخر بل وصل الامر بتجاهل صحف الحزبين لإخبار الأخر ومما زاد من حدة الصراع تفوق رئيس الغد فى معركة الانتخابات الرئاسية 2005 على رئيس حزب الوفد نعمان جمعه والذى حصل الاخير المركز الثالث فيما حصل ايمن نور على المركز الثاني وفى مشهد غريب يحاول حزب الغد ان يقدم نفسه باعتباره الحزب الليبرالي الذى يضم الشباب ويعتمد عليهم فى حركته وان حزب الوفد بات غير قادر على تجديد نفسه والنزول الى الشارع وحوزب الوفد من ناحيته يؤكد على ان حزب الغد يحمل بين طياته كل المنشقين والغضبين من الوفد وكان من وجهة نظر الوفد ان الغد لا يعدو كونه مدفع فاسد سوف يضرب يوما ما نفسه ؛

واعتقد ان تلك العلاقة بين الحزبين الليبرالين لن تشهد تغيرا الا اذا تغيرت رئاسة الحزبين ليبدأ عهد جديد فى العلاقة خالى من الخلافات الشخصية والحزبية بين محمود اباظة وايمن نور وهذا ما يتوقف على عامل الزمن وحده

ومن ناحية اخرى شهدت الساحة السياسية تاسيس حزب الغد عام 2007 وهو الحزب الثالث الليبرالى الذى اسسه أسامة الغزالى حرب الذى كان احد قيادات الحزب الوطنى فيما مضى

الا ان الحزب وعلى مدار ثلاث سنوات لم يستطع التخلص من قيدين رئيسين اولهما الخلفية الحزبية لمؤسسة دكتور اسامه الغزالي حرب الذى قضى نصف عمرة فى خزب الحكومة ودافع كثيرا عن سياستها وكان احد منظريها والامر الثانى اهتمام الحزب بالخارج وسعيه للانضمام الى الحركة الليبرالية الدولية بعيدا عن المواطن المصري الذى لم ينجح الحزب فى لفت انتباهه إلى الحزب الجديد ولكننا يمكن القول ان العلاقة الطيبة بين رئيس الوفد محمود أباظة واسامة الغزالى حرب ساعدت كثيرا فى تعامل الحزبين معا دون تناقض بل وانضمامهم الى جبهة واحدة والتنسيق فيما بينهم فى جبهة أحزاب المعارضة على عكس الموقف من حزب الغد وان كان كلا الحزبين لم يقدما كثيرا للمجتمع المصرى بسبب حالة الجمود التي يعيشها حزب الوفد بعدما استفز جهوده فى تنظيم جبهته الداخلية وكذلك حزب الجبهة الذي يعانى نفس المرض الحزبى المتمثل فى انشقاق أو استقالة عدد كبير من أعضاء الحزب بعد مدو وجيزة من تأسيسه

ويبقى السؤال مطروحا هل يدخل لاعبا او حزبا ليبراليا رابعا حلبة الأحزاب كما فعل النظام السياسي قبل الانتخابات الرئاسية بموافقة لجنة الأحزاب على تأسيس حزب الغد ؟؟؟

الخلاصة أن مأزق الليبرالية فى مصر لا يرجع لكون الليبرالية تروج لنموذج غربى بعيدا عن قناعة المواطن المصري ؛ والليبرالية ليست أزمتها فى أنها ثقافة نخبوية لا تتمتع بالشعبوية وهى كذلك ليست معزولة بسبب خطابها الهادئ والعقلاني أو انها تقع بين شقى رحى النظام السياسي والجماعات الاصولية الدينية ولكنها من وجهة نظرى علاقات شخصية شخصية حولها المتناحرين الى خلافات ليبرالي ليبرالية لإضفاء الموضوعية على تلك الخلافات وارى أننا لا يجب ان نقع في شرك ان هناك ازمة ليبرالية ليبرالية ولكننا بالفعل نعانى أزمة فى العمل العام والعمل الجماعي لان ثقافة المشاركة تعمد النظام السياسى أن يقضى عليها لتتحول الى ثقافة غائبة حل محلها ثقافة التخوين والاتهامات المتبادلة لان المساحة التشريعية الممنوحة للتيارات السياسية محددوه فإننا نقاتل بعضنا البعض لنحصل على موضع قدم متى ينتهي ذلك

نحن منتظرون ....

الجلسة الثانية / رؤية لحل الخلافات الليبرالية – الليبرالية

د. رفعت لقوشة .. جامعة اكس / مارسيليا

إبتداء .. فالخلافات الليبرالية – الليبرالية لا ينبغى التعامل معها كحالة ضد طبائع الأشياء أو كاستثناء بعيدا ً عن قاعدة الحراك , فطبائع الأشياء وقاعدة الحراك تسلماً بالخلافات داخل التيارات الفكرية , ولقد رصد التاريخ – ومازال يرصد – العديد من هذه الخلافات على مدى الأقواس الفكرية بتيارتها المتعددة , ولكن ما يثير القلق فى الخلافات أنها قد تتحول إلى انشقاقات صراعية يفقد معها التيار الفكري بوصلة الحركة وتشل بها فعاليته ويفقد معها مصداقيته .

ومن المؤكد أن الخلافات أسبابها ولكن هناك نقطة تحول نوعى فى متصل الأسباب يصير فيها الخلاف .. صراعا ً , وهذه النقطة تتمثل فى القبول بتحويل الفكر إلى أيدولوجية , فمن المعروف أن الأيدلوجية تدعو إلى التشدد .. والتشدد يدعو إلى المزايدة .. والمزايدة تغلق الطريق أمام الحوار وتستبقى – بالتالى – الخلافات أمام حائط مسدود , وعندئذ .. فإن كل إتجاه يتمثل نفسه بإعتباره الممثل الأيدولوجى للتيار ويرغب – بالتعبئة – فى إستبعاد الإتجهات الأخرى من داخل التيار .. بمعنى أخر يحكم عليها بالإقصاء .

وتاريخياً .. فإن كل الخلافات التى عرفتها التيارات الفكرية المختلفة وإنتهت إلى صراعات انشقاقية بدأت من هذه النقطة , وهى نقطة ينبغى أن تتجنبها كل التيارات وبالذات – التيار الليبرالى , فالليبرالية هى المعكوس الضدى للأيدولوجية , وتحويلها – بالتالى – إلى أيدولوجية هو إعلان بموتها والذى سوف يصاحبه إنحساء التيار الليبرالى بكل إتجاهاته .

وهكذا .. فإن المدخل الأول لحل الخلافات الليبرالية – الليبرالية يتمثل فى إقرار كل الإتجاهات اللييبرالية .. بأن :

أ – الليبرالية ليست أيدولوجية .

ب – ومن ثم .. فلا يوجد إتجاه ليبرالي يحق له أن يدعى لنفسه بأمه الممثل الأيدولوجى لليبرالية ويترتب على هذا الإدعاء .. حقوقاً يختص بها نفسه فى إقصاء الإتجاهات الأخرى .

هذا الإقرار الذى ينبغى أن يتفق عليه الجميع ليجتنبوا به الصراعات الإنشقاقية , قد يستدعى الكثير والكثير من التعمق فى الفكر الليبرالى بزاوية رؤية رحبة ومتسعة يبرهن بها الليبراليون على أنهم ليبراليون حقاً , حيث لا يحق لأحد إحتكار التعبير الليبرالى لنفسه .

ولعل هذا الإقرار يسد " ثغرة التسرب " التى تسمح بمرور مؤسسات ومنظمات تدعى الليبرالية ولا تؤمن بها , فهذه المنظمات والمؤسسات – فى حالة وجودها – قد تلجأ إلى النبرة الأيدولوجية المسطحة لتبرر حضورها فى مواجهة الليبراليين أ،فسهم , ولعلى هنا أسوق فرضية مؤداها .. أنه كلما سادت النزعة الأيدولوجية فى داخل الأوساط الليبرالية , كلما إزداد معدل نفاذية المنظمات والمؤسسات التى تدعى الليبرالية .

لأن الليبرالية ليست أيدلوجية .. فهى لا ينبغى أن تخضع فى تنظيماتها ومؤسساتها المختلفة لهيكلية مراكز التوجيه , فخضوعها لهذه الهيكلية يحيل الخلافات الليبرالية – الليبرالية إلى خلافات بين مراكز التوجيه ذاتها , والخلافات بين مراكز التوجيه تتسم بطبيعتها وبصفة عامة بثلاثة مراحل :

1 – مرحلة يقوم فيها كل مركز توجيه , على حده , بحشد أنصار له وبدون إعداد ليبرالى له , وبحشد مصادر التمويل والدعم كيفما إتفق .

2 – ومرحلة تالية .. تشهد خروج المنظمات والمؤسسات الليبرالية التى عجزت عن حشد الأنصار والدعم من مضمار العمل الليبرالى , ليتحول المضمار – بالتالى – إلى ساحة الخلاف .

ج – ثم مرحلة أخيرة .. تبدأ مراكز التوجيه التى حشدت الأنصار والدعم .. معركة نفى الأخرين أو الوصول معهم إلى تسوية وقتية , وفى الحالتين وفى هذه المرحلة تداعى تابعات تحتقن بها حدة الخلافات وتتعمق بها الأزمة , تابعات مثل :

1 – تبادل إتهامات بين الأطراف وهى إتهامات تدعى على كل طرف بأ، لديه أجندة غير منظورة .

2 – ومن ثم .. تتقود الثقة بين كل الأطراف .

3- و في غياب الثقة تقويضها .. فقد يبدأ كل طرف في إفتعال الخلافات و بالقصد العمدي .

لعلي أريد أن أقول .. أنه من المقبول أن تكون الخلافات داخل التيار الفكري بمثابة ظاهرة في سياق الحركة ، و لكن من غير المقبول أن تكون الخلافات هي الحؤركة نفسها أو بديلآ لها .. و هي لا تكون بديلا إلا إذا كانت مفتعلة ، و لعلي أريد أن أقول أيضآ .. أنه في ظل الخلافات المفتعلة لا موقع لثقة و بالتالي .. لا موقع لحديث عن حل الخلافات .

و لتفادي ذلك كله و كمدخل ثاني لحل الخلافات الليبرالية – الليبرالية ، فإنه قد يكون من الأفضل عدم خضوع المنظات و المؤسسات و المنظمات الليبرالية لهيكلية مراكز التوجيه , فأنه قد يكون من الأفضل عدم خضوع المؤسسات والمنظمات الليبرالية لهيكلية مراكز التوجيه , وأن تتبنى هذه المؤسسات والمنظمات – فى المقابل – منهجية منظومة التفعيل الشبكى , حيث تتواجد داخل المنظومة بؤر فكرية لا تلعب دور مركز التوجيه ولكن تلعب دور " فاعل الرؤية " الذى يمتد بتلامساته وتأثيره إلى كل نقاط المنظومة .. بأمل أن تتحول إلى نقاط تفعيل , ولذلك – وبالتداعى – فإن النموذج الشبكى وليس النموذج الهرمى قد يكون هو أفضل النماذج للعمل المشترك بين المؤسسات والمنظمات الليبرالية , وهذا النموذج الشبكى لا يعنى – بالضرورة – نفى إحتمال ظهور الخلافات .. فلسوف يعرف الخلافات ولكنه لن يسعى إى إفتعالها وسوف يكون له ضماناته بعدم تحولها ألى صراعات إنشقاقية , ومن وجهة نظرى .. فإنه النموذج الذى قد يؤدى إلى ما يمكن وصفه بـــ " إتفاق الحد الأدنى " .

إتفاق الحد الأدنى – هكذا – هو مدخل ثالث لحل الخلافات الليبرالية – الليبرالية , لأنه سوف يساعد على :

أ – إعتراف كل المؤسسات والمنظمات الليبرالية بشرعية وجود بعضها البعض .. مهما كبرت أو صغرت , وهذا بدوره يدعم الثقة بين هذه المؤسسات والمنظمات والثقة بمثابة ضرورة لا غنى عنها لحل أى خلافات ففى حل الخلافات .. علينا دائماً أن نناشد رصيد الثقة .

ب – عدم التورط فى دوامة البحث عن تطابق الأولويات , فهناك خلافات تتفجر وبمعدلات متسارعة ورغماً عن الجميع .. لا لشىء لعدم تطابق قائمة أولويات المؤسسات والمنظمات الليبرالية , فقد يرى بعض الليبراليين أن عدم التطابق يمثل خللاً بنونيا فى التيار الليبرالى وينشط لتفاديه فى البحث عن قائمة متطابقة , وعندما يتعذر عليه ذلك .. يصرح بالخلاف أو يفجره .

وهذه المداخلة السابقة قد تكون فى حاجة إلى وقفة تحليلية , فاتفاق الحد الأدنى لا يعنى فقط أن هناك قضايا بعينها قد جرى الإتفاق عليها , بينما قد جرى إزاحة القضايا الخلافية جانباً وأرجائها, ولكنه يعنى ماهو أكثر .. يعنى :

(1) القبول بترتيب مختلف لقضايا إتفاق الحد الأدنى لكل مؤسسة ومنظمة ليبرالية على حده , فالإتفاق على القضايا لا يعنى بالضرورة الإتفاق على ترتيب أولوياتها .

(2) أن تمضى كل مؤسسة أو منظمة ليبرالية فى تفعيل قضايا إتفاق الحد الأدنى دون تعويق من مؤسسات أو منظمات ليبرالية أخرى بدعو إخترف ترتيب الأولويات .

(3) أن القضايا الخلافية لن تظل مرجاة إلى الأبد .. فهذا ضد منطق الصيرورة , ولكن تفعيل قضايا إتفاق الحد الأدنى ينبغى أن يساعد على " تألبف نركيبى " بين القضايا الخلافية , وهذا التأليف بطبيعته يخلق مداراً لجاذبية الحوار والذى بدوره يحول دون تعمق الخلافات وإحتقانها ويساعد كثيراً على تحرير الليبرالية من الأسر الأيدولوجى .

التأليف التركيبى بين القضايا الخلافية – كمدخل رابع لحل الخلافات الليبرالية / الليبرالية يدعو الليبراليين إلى الإنحياز إلى العقلية المبدعة وعدم التردد فى الإنفتاح على أفق التغيير دون تخوفات مسبقة من تكلفتة , ومن ثم .. فهو يدعوهم – أيضا ًإلى التحصن الوقائى ضد أمراض المؤسسات البيروقراطية التى يعرفها المجتمع المصرى .. حيث لا يتفق لتغيير ولا إستعداد لدفع تكلفته , فالمؤسسات والمنظمات الليبرالية إذا ما إنتقلت إليها عدوى الأمراض البيروقراطية , فإنها – وبتداعى السياق – لن يكون لها سوى هدف واحد وهو .. إعادة إنتاج مصالحها الضيقة والدفاع عنها فى مواجهة الأخرين , ولن يهم – عنئذ – من هم الأخرون .. ليبراليين أو غير ليبراليين ! , ففى ظل إعادة إنتاج المصالح الضيقة والتى تزداد ضيقاً بمرور الوقت .. فالأخر يصير بالضرورة خصماً تتراكم معه الخلافات وتتصاعد .

وأخيراً .. وفى حاصل الإيجاز وباستعادة فقرات سبقت .. فإن الخلافات الليبرالية / الليبرالية قد تجد حلاً لها عبر الممرات الأتية :

1 – الإقرار بأ، الليبرالية ليت أيدولوجية , وبالتالى .. فلا أحد له الحق فى الإدعاء لنفسه بأنه الممثل الأيدولوجى لليبرالية اقصاء لليبراليين الأخرين .

2 – عدم خضوع المؤسسات والمنظمات الليبرالية لهيكلية مراكز التوجيه وإعتماد النموذج الشبكى للعمل المشترك بين هذه المؤسسات والنظمات .

3 – الوصول إلى إتفاق الحد الأدنى بين المؤسسات والمنظمات الليبرالية وعدم الإلحاح على وجود قائمة متطابقة لأولويات هذه المؤسسات والمنظمات .

4 – القبول بالتأليف التركيبى للقضايا الخلافية بين المؤسسات والمنظمات الليبرالية .

5 – التحصن الوقائى ضد أمراض المؤسسات البيروقراطية فى المجتمع المصرى .

6 – تعزيز رصد الثقة بين المؤسسات والمنظمات الليبرالية وعدم التضحية به .. أياً ما كانت الأسباب والملابسات .

وبعد فلعل المداخل المقترحة وممراتها تساعد على الإمساك بحلول مقبولة للخلافات الليبرالية – الليبرالية وتجنب تحولها إلى صراعات إنشقاقية .. وهذه هو الأخطر .