 | |
لا يمكن مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ
اللجوء للرئيس مبارك في حل المشكلات سببه غياب مؤسسات الدولة الحزب الوطني أضعف الحكومة ولا يتواصل مع الجماهير أطالب الرئيس بتعديلات دستورية جديدة والقيام بثورة بيضاء الحكومة تتعامل مع نظام الكفيل بحنية زائدة! إلغاء جلسات النصح والإرشاد أمر يثير الريبة والشك ينبغي وقف التعامل الأمني مع قضايا التوتر الطائفي تقبلت قرار خروجي من مجلس حقوق الإنسان ولكن!
أحدث خروج الدكتور أحمد كمال أبوالمجد من المجلس القومي لحقوق الإنسان صدمة كبيرة لدي نشطاء حقوق الإنسان والمفكرين والمثقفين, باعتباره رمانة ميزان المجلس, والعنصر الرئيسي لعمل المجلس في ظل وجود الدكتور بطرس غالي رئيس المجلس خارج البلاد لفترة طويلة. وطني التقت بالدكتور كمال أبوالمجد الذي فتح قلبه, وتحدث عن أسباب الاحتقان الطائفي الذي أصاب المجتمع المصري, وروشتة العلاج السريعة للخروج من الوضع الحالي, وأفصح عن أسباب عدم إعلان المجلس تقرير تقصي حقائق جريمة نجع حمادي, ورأيه في جلسات الصلح العرفية وجلسات النصح والإرشاد, وقدم بعض الطلبات للرئيس مبارك من أجل إنقاذ المجتمع, وطالبه بعمل ثورة بيضاء من أجل التغيير. كما تطرق الحوار إلي التعهدات الدولية التي تقدمت بها مصر أمام المجتمع الدولي بشأن تحسين أوضاع حقوق الإنسان, ودور المنظمات غير الحكومية في التغيير, والأحزاب السياسية, والحكومة, ومطالبه من المجلس القومي لحقوق الإنسان.. فإلي نص الحوار: المؤسسات تنتظر التعليمات * بماذا تفسر اللجوء للرئيس مبارك في حل قضايا التوتر الطائفي؟ ** اللجوء للرئيس يعني أن بعض مؤسسات الدولة لا تقوم بدورها, والحكم في بلدنا إذا استمر بهذه الظاهرة فسوف يتحرك باتجاه الفردية بعيدا عن دولة المؤسسات, أو أن الرئيس يرحب بذلك, فهل يعقل أن نري الكثير من الاستغاثات لرئيس الجمهورية؟ أين المؤسسات في الدولة؟ لماذا لا تقوم بدورها؟ وهذا يفسر أن المؤسسات تخشي اتخاذ القرار وتنتظر التعليمات, ولكن ما ذنب المواطن في الانتظار لفترة طويلة حتي يتم حل مشكلته؟ وهل يستطيع كل فرد أن يصل إلي الرئيس لينظر شكواه أو تظلمه؟ أرسلنا لجنتين * المجلس القومي لحقوق الإنسان أرسل تقريرا للرئيس مبارك عن جريمة نجع حمادي ولم يعرف الرأي العام فحوي التقرير؟ ** أرسلنا لجنتين لنجع حمادي, الأولي لجنة مشكلة من بعض أعضاء المجلس والثانية من مكتب الشكاوي, وبعد مناقشة ما ورد بهذه التقارير في اجتماع للمجلس فضلنا إتاحة الفرصة للرئيس في حل الموضوع ودراسة التوصيات المقدمة, ومن الصعب تقديمها للرئيس وإظهارها للرأي العام في وقت واحد, ولكن تم التأكيد علي بعض الخطوات المهمة التي ينبغي العمل بها لعلاج التوتر الموجود. ثورة بيضاء * هل ظهرت بوادر نتيجة هذا التقرير؟ ** بالفعل ظهرت بعض الملامح, منها خطوات قام بها محافظ قنا لعلاج الاحتقان, والمتهمون الآن قيد المحاكمة, ودعنا ننتظر ماذا ستسفر عنه المحاكمة, وأنا أتمني من قلبي أن يلاحظ الرئيس مبارك حجم التغيير الموجود في المجتمع والعالم, وأن يمارس ثورة بيضاء ويستجيب لطلبات رئيسية مفاجئة لتحريك المياه الراكدة واسترداد ثقة شعب مصر بمؤسساته الدستورية. * كيف؟ ** من خلال تعديل الدستور, خاصة المواد 76, 77 فهي مواد في رأيي في الصياغة والمضمون سيئة, والتقليل من التدخل الأمني في بعض القضايا, ونشر المعلومات الصادقة وبناء الثقة بين المواطنين والدولة حتي يصبر الناس علي المشكلات, فكثير منها ثمرة تراكم طويل وبعضها يحتاج علاجه لزمن غير قصير. قضية الأقباط هي.... * وماذا عن المادة الثانية؟ ** المادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية يفضل عدم التحدث عنها لأن قضية الأقباط هي المساواة, والبحث عن المساواة في المناصب الكبري, والتمثيل النيابي, والثقافة العامة في المجتمع, وكل هذه الأمور يمكن علاجها بالتشريع, ولكن تحقيقها يحتاج لثقافة سياسية تدرك العلاقة الوثيقة بين المساواة واحترام حقوق الإنسان وبين نجاح أي برنامج للإصلاح السياسي والاجتماعي. دور العبادة الموحد * ولكن هناك العديد من الملفات التي تتسبب في الاحتقان الطائفي ولا تجد حلا مثل قانون دور العبادة الموحد؟ ** لابد أن يصدر القانون في أسرع وقت, حتي مع تسليمي وتسليم كثيرين أن هذا القانون لن يؤدي وحده إلي معالجة كثير من المشاكل لأن عدم صدوره له دلالة سلبية وقد يوهم أن الدولة لا تريد بناء الكنائس وليس لديها رغبة في حل المشكلة, وفي وجود هذا القانون ستكون هناك ضوابط قانونية لبناء الكنائس والمساجد, فليس من المعقول وجود آلاف الأقباط دون كنيسة يصلون فيها, والكنائس لا تقتصر علي كنيسة للصلاة, بل ملحق بها دار محاضرات وخدمات, فالأقباط لا يريدون بناء كنائس ليفرحوا ببنائها, ولكن للصلاة. * ولماذا البطء في مناقشة القانون ثم إقراره بالبرلمان؟ ** بنفسي قمت بتسليم مشروع قانون دور العبادة منذ عامين للدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب وتحديدا بعد سنة من الإعلان عنه, وبعد أن أعلن الدكتور سرور عدم وصول مشروع القانون, ولكن لا أعرف من صاحب القرار النهائي في هذا الأمر. * وما أسباب ذلك؟ ** لا أدري, ففي بعض المشكلات هناك طرق للحل, إما الحل من خلال الطرق المباشرة والصريحة, وإما الحل عبر بعض الطرق المتعرجة والممتلئة بالمطبات, ونحن أحيانا نسرع بلهفة بالسير في الطرق المليئة بالتعرجات, علي الرغم من أن إصدار القانون يحمي المجتمع, وليس من أجل الأقباط فقط, ولابد تجنب الأمور ذات الاتجاه السلبي, وأن يجد القبطي مكانا يليق للصلاة, وهناك قاعدة معلومات بكل محافظة بحيث يمكن بناء دور العبادة حسب الاحتياج, مع الوضع في الاعتبار تزايد التعداد في المستقبل, ومثلما يتم بناء المدن والشوارع ثم يتم توسعتها لتناسب التغيرات, يمكن أيضا بناء دور العبادة بهذا المنطق. * والحل؟ ** إصدار القانون علي الفور, خاصة لأنه في حالة ترك الأمور علي ما هي عليه تتزايد المشكلات وتتفاقم وقد لا يمكن مواجهتها فيما بعد, ويؤسفني أن أقول إن الضغط الخارجي في بعض الأحيان يأتي بنتيجة, وأنا أعتبره توظيف وضع دولي قائم بما لا يتعارض مع السياسة الداخلية والسيادة الوطنية. اللجان الدولية * هل تقصد بالضغط التقارير واللجان الدولية التي تتحدث عن حرية الاعتقاد مثل لجنة الحريات الدينية؟ ** أنا تقابلت مع وفد الحريات الدينية الأمريكية, وفسرت لهم العديد من الأمور, ولكن كل هذه الأمور تأتي في إطار التعاون والتبادل, فنحن لا يمكن أن نعزل أنفسنا عن العالم الخارجي, ولابد من التعاون وتبادل الأحاديث معهم, خصوصا وأنا أتحدث هنا عن المجلس القومي لحقوق الإنسان وهو بالتعبير المستخدم دوليا منظمة وطنية لا حكومية. دون مبررات للاختفاء * سبق أن أعلن المجلس في تقريره السنوي الثالث عن حالات اختفاء لفتيات قبطيات دون تقديم أسباب مقنعة تبرر الاختفاء.. لماذا؟ ** المجلس لم يكن لديه معلومات جيدة تخص هذا الأمر, وكل ما توصل إليه نشره في التقرير, وهناك حالات قدمت فيها وزارة الداخلية تفسيرا لاختفائها, وحالات لم يتم التوصل إلي معلومات واضحة بشأنها. هذه الجلسات مهمة * وماذا عن جلسات النصح والإرشاد؟ ** المجلس يتبني عقد هذه الجلسات, وإن كانت هذه الجلسات ليست آخر مسئوليات الدولة, ولكنها مهمة لخلق إطار مجتمعي ولحسن التعايش. * كيف يتم العمل بجلسات النصح بقرار من وزير العدل ثم تقوم وزارة الداخلية بإلغائها؟ ** بالطبع هذا أمر إذا وقع فإن من شأنه أن يثير الريبة والشك, وطالما أن تصرف الداخلية غير مقنع فمن حق البعض أن يشعر بالغضب والقلق, ولكن المسألة لابد أن تعالج بهدوء وموضوعية بعيدا عن الانفعال والشحن العاطفي الغاضب. غضب بقليل من التجاوز... * لكن الغضب القبطي ينتشر في معظم المحافظات تجاه ما يحدث؟ ** الاحتجاج والتعبير عن الغضب أمر مقبول, وأنا أعتبر أن قليلا من التجاوز خير من التقاعس والسكون.. ولكن التعبير ينبغي أن يتم دائما في إطار من المسئولية. * كيف؟ ** الغضب بتجاوز قليل مهم أفضل من الركون والصمت وإنكار وجود المشاكل. * وهل الغضب القبطي الذي ظهر في السنوات الأخيرة من خلال الاحتجاجات يعتبر قليلا من التجاوز؟ ** نعم, والغضب لابد من التعامل معه بشكل ثقافي أو سياسي وليس أمنيا, حتي لا يتحول التجاوز إلي توتر, أو يعود مرة أخري إلي السكون, فلابد من فتح حوار وحل المشكلات حتي لا يظل هؤلاء يتحدثون مع أنفسهم. النخبة ليست علي قدر.... * ومن يقوم بالمبادرة؟ ** الدولة مسئولة, والرئيس طالما تذهب إليه كل الملفات عليه حل هذه المشكلة, فهو القادر علي الحل, ولا يترك الأمور تظل بهذا الوضع! كما أن النخبة المثقفة ليست علي قدر المسئولية, فجزء منها أصبح صامتا, والبعض الآخر أصبح جزءا من المشكلة, وشخصنة الأمور غير جيدة, ولابد من حل القضايا بالحوار الموضوعي بين أجهزة الدولة ورجال الدين الإسلامي والمسيحي. مؤمن بدور الأمن.. ولكن * يلاحظ أن معظم قضايا التوتر الطائفي يغلب عليها الطابع الأمني.. لماذا؟ ** أنا مؤمن بدور الأمن في الحفاظ علي سلامة المجتمع, وهذا فيما أتصور هو موقف أكثر الناس العقلاء, ولكن هناك قضايا لا يمكن أن يكون الأمن هو المكون الرئيسي فيها, ومن أبرز الأمثلة علي ذلك الاحتقان الطائفي, فأين دور وزارات الإعلام والثقافة والشباب, هذه قضية يتم حلها من خلال الحوار, وأن يكون هناك دور بارز للحزب الوطني, فأنا أخشي علي الحزب الوطني من أن يتحول للاتحاد الاشتراكي, فالحزب الوطني عليه أن يكون حزبا رائدا, وليس الحزب الأوحد, ورئاسة رئيس الجمهورية للحزب الحاكم تساهم في اضمحلال الأحزاب الأخري, فهناك دور مهم علي الحكومة والحزب الحاكم والمثقفين, وأخشي أن أقول بأن الحزب أضعف الحكومة وظل ضعيفا, وبالرغم من التطور التكنولوجي والتنظيم الجيد في الحزب إلا أن تواصله مع الجماهير ضعيف للغاية وهذه مشكلة كبيرة. في أزمة * ولماذا استفحل الاحتقان الطائفي في المجتمع؟ ** نحن شاهدنا وعاصرنا مصر الجميلة, فالتعليم كان مختلفا, وكراسة الحكومة كان بها نصائح وأخلاقيات, والتربية كانت موجودة بشكل ملحوظ, والآن مصر أصبحت في أزمة, والمصري البسيط حينما يهاجر وهو فارغ العقل يتبني أفكارا لم يقم بتحليلها, والإسلام في مصر لديه خبرة تعايش غير موجودة في أي بلد آخر, ولابد من الحفاظ عليها, وجزئيا الأمر يرجع إلي تيارات وافدة علي المجتمع من بلدان أخري وثقافات مختلفة. * وهل يمكن أن يعود لمصر جمالها؟ ** وارد, ولكي تعود لجمالها لابد من تغيير الأوضاع, ولكن الذي يقود التغيير النخبة المثقفة, ووقود التغيير الغلابة المظلومون ولابد أن تكون هناك علاقة صحية بينهم للمساهمة في التغيير. هناك فجوة * ولكن هناك فجوة بين النخبة والشعب؟ ** بالفعل هناك فجوة بين الطرفين, وزادت هذه الفجوة مؤخرا, ولكن لابد من جس النبض للتعرف علي حجم معاناة المظلومين كل فترة, فلابد علي النخبة أن تذهب بنفسها للتعرف علي معاناة المواطنين للشعور بهم, والإحساس بأن هناك من يشعر بهم وبمشكلاتهم, حتي يمكنهم المشاركة في التغيير, ولا يكونوا بمعزل عنه, وربما كانت هناك فجوة في الماضي بين الطبقات, ولكن الطبقة البسيطة كانت ميسورة الحال وتعيش بشكل كريم ولم تكن لديها نفس المشكلات الموجودة حاليا. المشكلة في النية * وهل بالمواطنة تنصلح الأحوال؟ ** بالمواطنة وحدها لا يمكن, لكن لابد من وجود نية حقيقية للتغيير, فنحن في ظل المادة 40 من الدستور لسنا بحاجة للكلام الكثير عن المواطنة, فهذه المادة نافذة بذاتها, حيث تنص علي أن المصريين لدي القانون سواء, في الحقوق والواجبات, ولا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الدين أو النوع أو الأصل أو اللغة أو العقيدة, وهي مادة صريحة يحتمي بها المواطن أمام المحكمة, ويذهب بأي قانون يشعر بأنه يسبب له تمييزا ويؤكد أنه مخالف للدستورولكن المواطنة كلمة عامة, والمشكلة في النية, والسؤال هنا: هل هناك نية للتعايش الإيجابي أم لا؟ ولابد أن نفرق بين التعايش والتسامح, فكلمة التعايش تختلف في حد ذاتها عن التسامح, فلو قال رجل لزوجته أنا سأتسامح معك, تشعر منه بالغضب, لأنها تعني بأن هناك مشكلة بينه وبينها ومع ذلك هو سيتسامح معها, أما التعايش فهي كلمة معبرة عن واقعنا وهو واقع العيش المشترك في إطار مصالح واحدة وقيم متقاربة. لا يعجبني الاستقطاب الديني * ونحن في مصر ماذا نريد؟ ** نريد تعايشا إيجابيا وديا, وليس استقطابا عدوانيا, أنا صريح جدا في هذا الأمر, ولا يعجبني الاستقطاب الديني الموجود في المجتمع حاليا, ففي زيارة لأحد المستشفيات الخاصة بالعيون لاحظت أن غالبية المرضي الموجودين أقباط, ونفس الأمر ربما يلاحظه البعض في مستشفي إسلامي, وهذه ظواهر لم تكن موجودة من قبل, وسبب الاستقطاب يعود إلي أن المسلمين غيورون علي ثقافتهم الوطنية والعربية ولديهم غضب قومي من غياب الديموقراطية, والمسيحي يغضب ويقلق من تنامي التيار الديني, ويزداد الأمر خطورة, ويري أنه إذا كان يتواجد في المجتمع الآن مجموعة من العقلاء, إلا أن من سيحكمون فيما بعد سيكونون في الغالب أكثر الناس تطرفا, كما يشعر بأن حقوقه في المواطنة مهددة, والحق في المساواة سيضيع وحقه في شغل المناصب الكبيرة سيقل, والفرصة في التمثيل السياسي ستظل محدودة, والمرشح القبطي يشعر بأنه سيرسب لأنه مسيحي, وهناك حالة غضب قومي من الجميع, ولذلك يحدث الترصد والتوتر والتعامل مع معظم القضايا من منظور طائفي. خطوط حمراء * وكيف يتم التعايش؟ ** لابد من الوضع في الحسبان أن هناك خطوطا حمراء علي الجميع فكل ما يمس الوحدة الوطنية خط أحمر لا يمسه أي طرف علي الإطلاق ولا تسامح مع من ينتهك ذلك, وهناك خطوط حمراء علي المسلمين باعتبارهم الأغلبية حسب العدد, وممنوع علي المسلم المشاركة في عملية تمييز ضد غير المسلمين, لأنه من حيث العدد يمتلك تغيير الأوضاع حسب التمثيل في المجلس التشريعي ونفس الأمر في الحزب الحاكم وبالتالي الأغلبية هنا مسئولة عن إحساس المسيحي بأن حقوقه مصانة والإخوة المسيحيون من الحكمة والمصلحة أن تدور مطالبهم حول المساواة في جميع ميادينها وصورها المادية والمعنوية, والابتعاد عن رفض الثقافة العربية والإسلامية إذ أن هذا الربط لا يعد علاجا للمشكلة وإنما تعقيد لها. * في أول حادث طائفي شكلت لجنة برلمانية أعدت تقريرا عالي المستوي ولم ينفذ, والآن تعتمد الحكومة علي جلسات الصلح العرفية في التعامل مع القضايا الطائفية.. هل هذا يليق؟ ** المشكلات موجودة ولكن المواطن لا يشعر بوجود الدولة أو هيبتها شعورا كافيا, ونحن نعيش عقد تبادل الخديعة بين المواطن والدولة, وأنا ضد جلسات الصلح أو علي الأقل ضد الاكتفاء بها ولا بديل عن سيادة القانون وتطبيقه علي الجميع. الانتخاب بالقائمة النسبية * بعد كوتة المرأة.. هل تري كوتة للأقباط مستقبلا؟ ** لا, فأنا ضد التمييز الإيجابي للأقباط, والموضوع يختلف عن المرأة, فالمشكلة طارئة يمكن حلها بالتشريع, من خلال الانتخاب بالقائمة النسبية غير المشروطة, وتشجيع الأحزاب علي ترشيح أقباط علي القوائم, وهناك تمييز بعض الشيء نعترف به ولكن لابد من مواجهته بشكل عام. روشتة للاحتقان * وما هي روشتة الدكتور أبوالمجد لمواجهة الاحتقان في المجتمع؟ ** المشاركة السياسية الحرة بدون انتهاكات أو ترهيب ونزاهة وشفافية, وأن يعلم كل مواطن بأن صوته مؤثر في العملية الانتخابية, والضلع الثاني سيادة القانون, والحكم يكون وفقا لقاعدة قانونية وليس بإرادة بشرية, والكرامة الإنسانية. * بذكر الانتخابات.. ماذا عن توقعك بشأن الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ ** أنا غير مطمئن اطمئنانا كافيا, ومن المؤكد أن الوعي المجتمعي وارتفاع نبرة المطالبة بانتخابات حرة يعد ضمانا معقولا. * لماذا؟ ** المناخ العام يوضح ذلك, ولا أود الخوض في التفاصيل. الرقابة الدولية.. بشرط * ظهرت دعاوي للرقابة الدولية علي الانتخابات.. هل تؤيدها؟ ** نعم, ولكن بشرط أن تكون عملية المراقبة بنوع من التبادل, وأن يسمح لمصر بالمراقبة علي عمليات انتخابية مماثلة في هذه البلدان وأن لا تصل المراقبة إلي التدخل في الحالات الفردية فيما يمثل انتهاكا للسيادة الوطنية. * هل يمكن أن تلعب المنظمات غير الحكومية دورا إيجابيا في الفترة المقبلة؟ ** بالطبع, فالمنظمات المدنية ليست عدوا لأحد, ولابد من التوقف عن مهاجمة هذه المنظمات, ولابد أن تعمل بهدوء حتي تواجه المشكلات, ولا يتم التعامل معها باعتبارها جزءا من المشكلة, وعلي هذه المنظمات عبء كبير في استرداد ثقة المواطنين في أنفسهم, وفي قيمة المشاركة في المجتمع, خاصة أن هذه المنظمات كان لها السبق في القيام بالعديد من الأمور, وخاصة مراقبة الانتخابات, ولذلك لابد من دعمها ومن أنصاف المجلس القومي لحقوق الإنسان ملاحظة الجهد الكبير الذي بذله خلال دورتيه السابقتين في إقامة تواصل مستمر مع منظمات المجتمع المدني تشهد به الجلسات وورش العمل والموائد المستديرة التي شاركت فيها عشرات من منظمات المجتمع المدني. الأحزاب ضمرت * وماذا عن دور الأحزاب السياسية؟ ** الأحزاب السياسية ضمرت, ولا يوجد لديها مرشح للرئاسة يستطيع كسب ثقة الناخبين, ولم تعد قادرة علي جذب أعضاء جدد إليها, وهي أزمة حقيقية تحتاج إلي مواجهة عاجلة. * ومن المسئول عن إعداد كوادر جديدة للتغيير؟ ** الحكومة مسئولة عن ذلك من خلال نشر الحرية وسيادة القانون حتي يتم إعداد كوادر جديدة قادرة علي التغيير ورؤساء وقيادات الأحزاب المختلفة شريك أساسي في المشكلة تغيير الأوضاع * وما طلبات أبوالمجد من الحكومة؟ ** نشر الحرية, وسيادة القانون, والشفافية في طرح المعلومات, والثورة الثقافية والتعليمية ستعمل بالتدريج علي تغيير الأوضاع والحفاظ علي كرامة المواطنين, فالفقير لا يجد شيئا له في هذا البلد, ولذلك لابد من احترام المواطن والحفاظ علي كرامة المصريين داخل وخارج مصر, وهذا أول طريق الإصلاح كرامته مهانة! * ولكن المصري لديه شعور بأن كرامته مهانة داخل وخارج بلده؟ ** أنا عملت في الكويت عدة سنوات, والمواطن المصري في بعض دول الخليج العربي يتعرض لإهانات كبيرة, لا يتعرض لها أي شخص ينتمي لجنسية أخري, فالعراقي أو السوري علي سبيل المثال يتمتع بمعاملة جيدة, بينما المصري يتعرض للعديد من المشكلات والانتهاكات, والحكومة لا تحمي حقوق المصريين في الخارج حماية كافية, وأبلغت العديد من المسئولين في مصر بهذا الوضع الذي يتعرض له المصريون بالخارج, حتي لا يشعر المواطن بأن كرامته مهانة داخل وخارج بلده ويقع جانب كبير من عبء هذا الإصلاح علي عاتق وزارة الخارجية والسفارات والقنصليات المصرية. الحكومة تتعامل بحنية * متي يتم إنهاء العمل بنظام الكفيل؟ ** نظام الكفيل يمكن تغييره وسوف يتغير, ولكن الحكومة المصرية تتعامل مع هذا الملف بحنية زائدة عن الحد! سفراء * وكيف يتم التعامل مع المصريين في الخارج؟ ** المصريون في الخارج سفراء يجب الاستفادة منهم, ولابد من تحفيزهم علي العودة لمصر كل فترة, خاصة أن وجودهم خارج مصر يجعلهم يرون الأمور بمنظور البلدان التي يقيمون بها, ولابد من الحفاظ علي حقوقهم في الانتخاب, والإعلام تعامله ضعيف في هذه الأمور, ويزيد من العزلة بين المصريين بالداخل والخارج, فمنهم من يريد العمل داخل مصر أو امتلاك مكان يقيمون فيه وقت زيارة البلد وهكذا, وبالتالي لابد من تغيير الصورة والطريقة المتبعة معهم. تقارير المجلس تنتقد * ماذا تغير في المجتمع منذ تأسيس مجلس حقوق الإنسان في يناير 2004 وحتي الآن؟ ** كنت أعلم وكذلك جميع أعضاء المجلس أن هناك معوقات عديدة, ولكن المجلس القومي أنجز بعض الأمور ومنها جعل حقوق الإنسان أمرا مقبولا والرجوع عنه صعب, والعلاقة مع المنظمات الدولية جيدة, والتقارير السنوية للمجلس بها نقد للحكومة, والغرض منه الإصلاح وليس التشهير كما يتصور البعض ووزارة الخارجية تعلم الدور الذي قام به مجلس حقوق الإنسان خارج مصر, والمصداقية التي يتمتع بها. في ظل الطوارئ * ما تقييمك لأداء المجلس مقارنة بأوضاع حقوق الإنسان في مصر الآن؟ ** أعرف أن هناك انتهاكات بالفعل, ولكن المجلس القومي لحقوق الإنسان ليس من سلطاته ولا إمكانياته ما يعين علي مواجهة ذلك بمفرده, ولا يمكن مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ! الوفاء بالوعد... * ولكن الحكومة تعهدت أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي بعدم مد حالة الطوارئ وتعزيز مسيرة حقوق الإنسان. ** أخطر شيء أن تتعهد الحكومة علي الملأ ثم لا تنفذ ما وعدت به, حيث سارت أسيرة لما وعدت به وإلا فإنها تنزع الثقة, والوفاء بالوعد والشفافية من أهم عوامل زرع الثقة مع المجتمع بالداخل والخارج, ولذلك ننتظر تنفيذ هذه التوصيات علي أرض الواقع, ومنها كثير من الأمور أوصي بها المجلس القومي خلال السنوات الماضية. غير راض عن الطريقة * ما تعليقك علي خروجك من عضوية المجلس القومي في تشكيله الجديد؟ ** أتاح لي وقتا إضافيا أستغله في أمور كثيرة, والتقدير عما قمت به أتركه لله والناس, والرئيس أرسل لي مؤخرا خطاب شكر علي ما قمت به, وإن كنت حتي الآن غير راض تماما عن الطريقة التي استخدمت في خروجي حيث لم أعلم بها إلا من خلال ما نشر بالصحافة. * هل حاولت البحث عن أسباب الخروج؟ ** لا, حيث وجدت إنه من الكرامة أن لا أسأل. * هل قدم لك أحد تفسيرا لذلك؟ ** لا حتي جاءني خطاب الرئيس مبارك مصححا وفي تقديري لعرف فاسد كان قد استغرق حياتنا. * ما نصيحتك للمجلس خلال دورته الجديدة خاصة للأعضاء الجدد؟ ** أرجو وأتوسل أن يقوي المجلس ولا يضعف, وأن يتذكر أنه مجلس قومي وليس حزبا, ومؤتمن علي حرية المواطنين, وأن تتفهم الدولة صعوبة رسالة المجلس, وأن تتركه يعمل ولا يضيق صدرها من نشاطه وتقاريره, والنصيحة للأعضاء الجدد بأن يحافظوا علي استقلالهم, والتأكيد علي أنهم قوميون وغير حزبيين. لماذا انتقاء الآيات؟! * ورسالتك للمجتمع؟ ** أنا لدي رأي في هذا الأمر يسري علي المسيحي والمسلم, فالمؤمن بالله والذي لا يتسع صدره ولا يبتسم طوال الوقت, ولا يحتضن الإنسان بغض النظر عن جنسه أو دينه أو معتقده, فليعلم أن في دخوله الجنة شكا عظيما, فهناك آيات في القرآن تؤكد علي التعامل مع غير المسلمين بمودة, وآيات عديدة تؤكد ذلك, كما أننا جميعا نعلم أن المسيحية ديانة محبة وسلام فلماذا يتم إخفاء هذه الآيات؟ ولماذا انتقاء الآيات؟, فهل المطلوب هو خلق إسلام جديد يتعارك مع العالم؟! وضرورة مواجهة أثر ظاهرة التدين المتصاعد علي النظام الدولي وحقوق الإنسان, والإحساس بوجود أخطار مشتركة, ولابد من التعامل معها, ومن ثم لابد علي أتباع جميع الديانات الإحساس بوجود مشكلات ينبغي تضافر الجهود لمواجهتها لأن المصالح الإنسانية الكبري مصالح مشتركة والأخطار التي تهددها مشتركة. * وللشباب؟ ** أدعوه للتفاؤل وأن ينشر المحبة والرحمة, وأن يحافظ علي الأمل في مستقبل أفضل. |