الدول العربية "تقدم السبت" وتساند مصر ضد عاصفة الهجوم على أوضاع حقوق الإنسان بها


ممثل السعودية قام بإعداد قائمة يدوية بأسماء الدولة المتحدثة في الجلسة حتي يضمن الوجود المكثف للدول العربية واستبعاد أكبر عدد ممكن من المداخلات المحرجة للدول الأوروبية.. وتونس تصف الأوضاع الحقوقية في مصر بالنموذجية!
عقد المجلس الدولي لحقوق الإنسان أمس جلسة المراجعة الدورية الشاملة لملف حقوق الإنسان لمصر بمقره في العاصمة السويسرية جنيف، والتي بدأت في تمام الساعة العاشرة صباحا بتوقيت القاهرة، ومثل الحكومة المصرية 11 مسئولاً ووزيرًا برئاسة الدكتور مفيد شهاب - وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية ورئيس الوفد الحكومي المصري - الذي قام بدوره بعرض تقرير الحكومة المصرية حول حالة حقوق الإنسان «باستفاضة وإسهاب» في مدة نصف ساعة من مدة الجلسة التي استمرت لمدة ساعتين، ويري مراقبون للجلسة أن هذه المدة الطويلة التي استغرقها ممثل الحكومة هدفت إلي إضاعة جزء من الوقت والفرص علي بعض البلدان الأوروبية من إجراء مداخلاتها، التي اتسمت - حسب أسئلة هذه البلدان والتي انفردت «الدستور» أمس الأول بنشر بعضها
- بانتقاد استمرار حالة الطوارئ لأكثر من ثلاثين عامًا والتعذيب المنهجي وانتهاك حرية التجمع والتنظيم والتعبير.فيما كشف معتز الفجيري - المدير التنفيذي لمركز القاهرة
- أثناء جلسة البث الحي للجلسة، التي نظمتها مؤسسة «فريدريش ناومن» بالتعاون مع منظمة اتحاد المحامين للدراسات أمس «عن قيام المملكة السعودية بإعداد قائمة بأسماء المتدخلين والمتحدثين يوم أمس الأول الثلاثاء
- أي قبل عقد جلسة المراجعة بيوم
- وهو ما تنفرد الدستور بنشره، ورافقه ممثلو البلدان العربية والإسلامية، وهدفت هذه القائمة لتقليل عدد المداخلات الجادة للبلدان الأوروبية والتي تضمنت انتقادات شديدة للحكومة المصرية».
وهو ما أسفر عن استبعاد مداخلات عدد من الدول بسبب انتهاء الوقت حيث تمكنت فقط 56 دولة من المشاركة من أصل 86 دولة يحق لها المشاركة وإبداء ملاحظاتها علي الحالة المصرية.جدير بالذكر أن هذه القائمة أعدت بالمخالفة لآلية عمل المجلس التي تقتضي تسجيل الأسماء لدي سكرتارية المجلس وليس في غرفة مغلقة، وتضمنت القائمة بعد إضافة أسماء البلدان الأوروبية 71 مداخلة.بينما تركزت تساؤلات البلدان الأوروبية علي توجيه انتقادات شديدة لحالة حقوق الإنسان في مصر، وقد اتسمت كل مداخلات البلدان العربية والإسلامية بالنعومة، كما أشادت جميعها بتعاون مصر مع آلية المراجعة الشاملة واستقبالها للمقررين الخاصين بالإرهاب والمياه، وتحسين أوضاع النساء وذوي الاحتياجات الخاصة وتمكين الشباب، ومكافحة الأمية حتي إن ممثل الجمهورية التونسية وصف سياسات الحكومة المصرية في مكافحة ظاهرة أطفال الشوارع بالنموذجية.من جانبها انتقدت دولة فنلندا استمرار العمل بقانون الطوارئ والتمييز ضد الأقليات، وطالبت بوضع آلية لحماية حقوق الإنسان، كما انتقدت زيادة حالات العنف ضد النساء، بينما طالبت أيرلندا بعدم مد حالة الطوارئ وعدم استخدامها ضد الصحفيين والمدونين، وتعديل المادة 126من قانون العقوبات المصري
- وهي المادة الخاصة بعقوبة ممارسة التعذيب- واتسمت المداخلة بذكر بعض المواد وقام الوفد بتسميتها وطالبوا بتعديل هذه المواد. واتفقت معها هولندا، وطالبت تشيلي بتعزيز دور المرأة والمساواة في قضايا الزواج والطلاق والميراث، وأكدت المكسيك ضرورة تعزيز حرية التعبير وإنهاء التمييز ضد المرأة وإدماج اللاجئين الموجودين في مصر في المجتمع المصري.
أما بلجيكا فطالبت بإنهاء الاعتقال الإداري ووقف العمل بعقوبة الإعدام والسماح بزيارة المقرر الخاص المعني بالتعذيب. وفي مداخلة إسرائيل امتدح الوفد الإسرائيلي توقيع مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل ودور مصر في ملف السلام في المنطقة. أما النمسا فقدمت مداخلة قوية حول أحداث العنف الطائفي التي حدثت مؤخرا في مدينة نجع حمادي وطالبت بوضع خطط عملية لمواجهة العنف الطائفي.ومن جانبها طالبت البرازيل مصر بالانضمام للمحكمة الجنائية الدولية وآليات شكاوي حقوق الإنسان الدولية ووقف الإعدام.
وأعربت كندا عن قلقها من التمييز ضد الأقليات الدينية وطلبت بحذف خانة الديانة من الأوراق الرسمية وإنهاء الاعتداءات علي الصحفيين والمدونين، وطالبت مصر بقبول الرقابة الدولية علي الانتخابات القادمة سواء البرلمانية أم الرئاسية وتجميد حالة الطوارئ أثناء الانتخابات، واتفقت معها مداخلة إسبانيا.
وفي رده علي هذه التساؤلات والمداخلات قال الدكتور مفيد شهاب:
الدولة المصرية لا تفرق بين دين وآخر والعلاقة بين المسلم والقبطي تحكمها روابط مشتركة، مبررا انتشار أعمال العنف الطائفي في الفترة الأخيرة بشيوع ظواهر التطرف والمغالاة. مشددا في ذات السياق علي أن تلك الحوادث ليس لها طابع ديني.أما فيما يتعلق بإحالة المتهمين المدنيين للمحاكمة أمام محاكم القضاء العسكري، فقال - شهاب
- إن هذا النوع من القضاء هو هيئة مستقلة يحكم فيها قضاة غير قابلين للعزل، كما أن عدد هذه القضايا التي أحيلت للقضاء العسكري قليل جدا، أما بالنسبة لمطالبة مصر بالانضمام للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، فقال شهاب:
إن مصر لديها مشكلة في الانضمام لتلك الاتفاقية لأنها تفرض عليها الزيارات التفقدية المفاجئة، في حين أن القانون المصري يمنع حدوث ذلك لأنه يجعل النيابة العامة هي فقط صاحبة الحق في القيام بتلك الزيارات للسجون.أما السفير وائل أبو المجد
- نائب مساعد وزير الخارجية المصري عضو الوفد المصري ونائب مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان
- فأخذ يشدد علي أن جميع المواطنين سواء أمام القانون وأرجع هو الآخر تزايد حالات العنف الطائفي والتوتر الطائفي في مصر إلي شيوع الأفكار المتطرفة، وأشار إلي أن لجوء الدولة إلي الجلسات العرفية لحل هذه المشكلات نابع من رغبة الأطراف المتنازعة سواء المسلمة أو المسيحية، وقال: «إن الدولة لن تنهج هذا الأسلوب في الفترة القادمة وسوف تتمسك تمسكا صارخا بحكم القانون».
مشيرا إلي عدم وجود أي مشاكل لدي المسيحيين في إنشاء دور العبادة وأن عدد الكنائس التي تم إنشاؤها وترميمها خلال الفترة من 2005 حتي 2009 بلغ 138 كنيسة.أما بالنسبة لحرية التعبير والقيود المفروضة علي وسائل الإعلام، فقال أبو المجد: إن وسائل الإعلام حدثت فيها طفرة مؤخرا أدت لتزايد عدد الصحف والفضائيات التي تمارس دور الرقابة علي الحكومة، وأسهمت في خلق مناخ عام من المساءلة لم تكن موجودة قبل ذلك.وفي تعليقه علي ماورد في الجلسة من ملاحظات للدول الأوروبية ورد الحكومة المصرية عليها، قال معتز الفجيري، «إن الحكومة المصرية اتبعت في تقريرها أسلوب التبرير للانتهاكات التي يتعرض لها المواطن المصري وهذه اللغة هي لغة معتادة منها دائما، حيث تلقي باللوم دائما علي مسألة الثقافة المجتمعية دون أن تتحدث إطلاقا عن الرغبة السياسية في تحقيق الإصلاح وحماية حقوق الإنسان، مما يبرهن أن الحكومة ليس لديها رغبة في استغلال هذه المراجعة لتحقيق بعض الإصلاحات.وتابع الفجيري:
إن المناقشات تجاهلت عددًا من القضايا لم تتطرق لها مثل الحديث عن مسألة المشاركة السياسية، والضمانات الواجب توافرها لحماية حقوق المواطن في قانون مكافحة الإرهاب الذي تعكف الدولة علي إعداده، أيضا قضايا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وكيف تتعامل الدولة مع الكوارث الاجتماعية كما حدث في كارثة الدويقة، أيضا من القضايا التي لم تأخذ حقها في التناول من قبل الدول المشاركة هي قضية تزوير الانتخابات وحتمية وجود رقابة علي الانتخابات العامة.فيما أعرب شادي طلعت - مدير اتحاد المحامين للدراسات الليبرالية والديمقراطية - عن تعجبه واستنكاره من المجاملات الفجة التي قامت بها الدول العربية لمدح موقف مصر وحكوماتها تجاه سياسات حقوق الإنسان لدرجة جعلت تونس تصف الأوضاع بمصر بأنها نموذجية وأنه لا يوجد أطفال شوارع في مصر، في حين خلت مداخلات الدول الأوروبية من تلك المجاملات وتناولت قضايا غاية في الأهمية بالرغم من محاولات الحكومة لتحجيم تلك المداخلات المحرجة.بينما استبعد حسن يوسف - مدير جمعية شموع لحقوق المعاقين
- إمكانية حدوث عقوبات علي مصر في ظل وجود التكتلات الموجودة في المجلس الدولي، وأضاف قائلا:
يجب علي الحكومة المصرية ألا تعتقد أنها بذلك ضحكت علي الناس، واحنا وراها والزمن طويل حتي تتوقف عن تجاوزاتها وانتهاكاتها لأوضاع حقوق الإنسان.