مؤسسة ماعت ..اللامركزية ومخاطر تهميش المرأة في مؤسسات الحكم المحلي

ورقة عمل جديدة لمؤسسة ماعت
اللامركزية ومخاطر تهميش المرأة في مؤسسات الحكم المحلي
04\03\2010

في إطار ملف دعم اللامركزية والحكم المحلي الرشيد أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان ورقة عمل جديدة بعنوان " اللامركزية ومأزق التهميش السياسي للمرأة في مؤسسات الحكم المحلي " ، وتأتي الورقة في نطاق استعداد المؤسسة لتنفيذ مشروع " تمكين المرأة من الحكم في القرية المصرية ( وصول ) " .
وتطرح الورقة بعد مهم من أبعاد التمكين السياسي للمرأة المصرية وهو تمكينها على مستوى الحكم المحلي في المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ، ويكتسب هذا البعد أهمية متنامية في الوقت الراهن نظرا لتوجه الدولة نحو إقرار مزيد من الصلاحيات لوحدات الحكم المحلي في إطار ما تعلن عنه من رغبتها في تبني اللامركزية وتطبيقها على أرض الواقع في السنوات القليلة القادمة .
وقد كشفت الورقة عن التطورات التشريعية والإجرائية التي استهدفت التمكين السياسي للمرأة أقتصر مردودها على عضوية المرأة في مجلس الشعب ولم ينسحب على ما دونه من تنظيمات سياسية كالمجالس الشعبية المحلية بمستوياتها المختلفة ، وبالتالي فإن تمكين المرأة من أجهزة الحكم المحلي لم يكن مطروحا على الإطلاق رغم ثورات التغيير التشريعي المزعومة والمتكررة التي تمت في السنوات الخمسين الأخيرة والتي طالت القوانين والدستور نفسه أكثر من مرة .
كما اوضحت الورقة عن أن تمثيل المرأة ومشاركتها فى صنع القرارات المحلية ولعب دور فاعل فى الشأن المحلى في العالم دون المستوى المأمول حيث أن متوسط مشاركة النساء فى السلطات المحلية في العالم يصل الى
20% فقط من إجمالي الأعضاء ، وبالنسبة لمصر فقد أشارت ورقة العمل إلى أن عضوية المرأة في المجالس المحلية في مصر شهدت تراجعا ملفتا للنظر في السنوات الأخيرة فقد كانت نسبتها تقارب 10 % فى عام 1983 لتنخفض الى 2 ،1 % فى عام 1992 ثم ترتفع فى انتخابات عام 2002 إلى 4 ،2 % ،ثم في انتخابات 2008 بلغ عدد السيدات اللاتي حصلن على مقاعد فى المجالس المحلية بالتزكية او بالانتخاب 2335 امرأة بنسبة 4.4 % من إجمالي أعضاء المجالس المحلية
وقد أشارت الورقة لعدد من الملاحظات فيما يتعلق بطبيعة التواجد النسائي في المجالس المحلية الحالية أهمها الارتفاع النسبي لتمثيل المرأة في مجالس الأحياء وانخفاضه الشديد في مجالس القرى بسبب الجمود الثقافي والاجتماعي في القرى والنظرة التقليدية لها ، كما لاحظت الورقة اقتران الزيادة النسبية في أعداد النساء من شاغلي مقاعد المجالس الشعبية المحلية في عام 2008 بمجموعة من الإجراءات الاستثنائية أولها حسم أكثر من 70 % من المقاعد بالتزكية لصالح مرشحي الحزب الوطني الحاكم والانتهاكات والتجاوزات التي شابت الانتخابات ، وكل هذه الملاحظات تضع شكوكا حول ما إذا كانت نسبة تمثيل المرأة في المجالس الشعبية المحلية ستصل إلى ما وصلت اليه – رغم تدنيها – إذا ما توافرت عوامل النزاهة والاختيار الحر للناخبين .

وأرجعت الورقة ضعف الوجود النسائي في المجالس الشعبية المحلية إلى عدد من الأسباب أهمها محدودية الجهود المبذولة علي صعيد القري والمدن المرتبطة بالريف لتأهيل القيادات النسائية و تغيير الثقافة السائدة هناك والمرتبطة بالقبلية والعشائرية ، تركز الاستراتيجيات والإجراءات والبرامج التي تسعى للنهوض بأوضاع النساء على المستوى القومي ، غياب التنشئة السياسية للأجيال الجديدة ، ضعف دور الأحزاب كأطر سياسية لتكوين الكوادر النسائية
وأوضحت الورقة أن تهميش المرأة في مؤسسات الحكم المحلي لا يقتصر على المؤسسات الشعبية المنتخبة فقط ولكنه يتعدى ذلك الى المؤسسات التنفيذية ، فالمرأة لم تشغل حتى الآن موقع المحافظ أو السكرتير العام أو السكرتير العام المساعد ، كما أن من يشغلن منصب رؤساء المدن والأحياء والقرى لا يتعدى أصابع اليد الواحدة ، و كشفت الورقة عن أن خطورة تهميش المرأة في مؤسسات الحكم المحلي سواء الشعبية المنتخبة أو التنفيذية المعينة في ظل تطبيق اللامركزية تأتي من عدة وجوه أهمها أن غياب المرأة عن هذه المؤسسات قد يؤثر على نصيبها من الأنشطة التنموية ، كما أنه في ظل اللامركزية تنعكس تلقائيا مكانة المرأة في الموروث والواقع الثقافي والشعبي على مقدار الاهتمام بها ونوعية هذا الاهتمام وحجم الخدمات المقدمة لها
وكشفت الورقة عن غياب مكون المرأة في كل الجهود الحكومية أو تلك التي تقوم بها الجهات المانحة في مصر والمتعلقة بدعم اللامركزية ، حتى تلك الجهود المعنية بدعم المشاركة الشعبية ليس بها بعد واضح ومحدد لدعم مشاركة المرأة المتدنية بالفعل على المستوى المحلي ولا توجد برامج مستقلة أو آليات قائمة للبحث عن حلول لهذا الغياب والوصول لطرق فعالة في التعامل مع الأطر الثقافية المحلية الحاكمة المسئولة بدرجة كبيرة عن هذه الأوضاع .

وبرغم تعدد اللجان الحكومية التي أنشئت في إطار التوجه للامركزية فإن الأمر يخلو من لجنة لدعم مشاركة المرأة في النظام السياسي المحلي وإزالة المعوقات الإدارية والتشريعية والاجتماعية والسياسية التي تعترض طريقها ، وفي نفس الوقت فإن جهود الجهات المانحة الكبرى كالوكالة الأمريكية للتنمية والبرنامج الانمائي للأمم المتحدة وهم اللاعبين الرئيسين في هذا الميدان لا زالت بعيدة عن الربط المباشر بين تمكين المرأة والاتجاه نحو اللامركزية ، ويقتصر الأمر فقط على تقديم بعض التمويلات المحدودة لبعض المنظمات في مجال دعم المترشحات لعضوية هذه المجالس ، وكلها جهود غير منهجية ولا يتوفر فيها بعد الاستدامة والتواصل ، كما أنها لا ترتبط بالإطار العام لتوجه الدولة نحو اللامركزية .
وقدمت الورقة إطار عمل لدعم مشاركة المرأة في الحكم المحلي في مصر يستند على أربعة محاور أساسية هي رفع قدرات المرأة ذاتها على المشاركة في الحكم المحلي ، توفير الأطر التشريعية الداعمة لمشاركة المرأة في الحكم المحلي ، تغيير الثقافة المجتمعية المحلية المناهضة لتولي المرأة مناصب صنع واتخاذ القرار المحلي ، إدماج مكون المرأة في الجهود الوطنية والدولية والأجنبية لدعم اللامركزية على المستوى الوطني والمحلي .